ولكن الحق تبارك وتعالى أخبرنا
أنه طرد ابليس من رحمته وسماه رجيماً حتى نعرف جميعاً أنه لن يدخل فى رحمة الله
ابداً.
إبليس دخل إلى غواية بني آدم بعزة الله سبحانه وتعالى عن خلقه .. فلو أن
الله أراد خلقه جميعاً مهديين .. ما استطاع إبليس أن يتقدم ناحية واحد منهم ..
واقرأ قوله سبحانه ..
إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها
خاضعين(4) سورة الشعراء
إذن الله سبحانه وتعالى .. هو الذى أعطى للإنسان حق
الإختيار ولو شاء لجعله مقهوراً على الطاعة كباقي الخلق .. من نقطة الإختيار هذه
وقوله تبارك وتعالى :
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن
وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ
سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ
بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً(29) سورة الكهف
إذن فالله سبحانه وتعالى
بين لنا طريق الهداية وطريق المعصية .. ثم ترك لنا أن نختار طاعة الله ورحمته .. أو
معصية الله وعذابه .. ولم يعطنا الحق تبارك وتعالى هذا الإختيار إلا فترة محدودة هى
حياتنا فى الدنيا .. فعندما يحتضر الإنسان تخمد بشريته .. ويصبح لا اختيار له. كما
أن الله جل جلاله لم يعطنا الإختيار فى كل أحداث الدنيا .. بل اعطاه لنا فى المنهج
فقط فى الطاعة أو المعصية.
ولكي نتقي الشيطان فى حياتنا شرح لنا القرآن الكريم
كيف سيغوي إبليس بني آدم .. واقرأ القرآن الكريم :
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي
لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ(16) سورة الأعراف
أي أن إبليس لا
يجتهد فى إغواء من باع نفسه للمعصية .. وانطلق يخالف كل ما أمر به الله .. فالنفس
الأمارة بالسوء لها شيطانها.. وهى ليست محتاجة إلى إغواء لأنها تأمر صاحبها بالسوء
.. ولذلك فإن إبليس لا يذهب إلى الخمارات وبيوت الدعارة ويبذل جهداً فى إغواء من
يجلسون فيها ..لأن كل من ذهب إلى هذه الأماكن ..هو من شياطين الإنس.. ولكن إبليس
يذهب إلى مهابط الطاعة وأماكن العبادة .. هؤلاء يبذل معهم كل جهده وكل حيلة ليصرفهم
عن عبادة الله، ولذلك لا بد أن ننتبه إلى أن إبليس لم يقل لهم على الطريق
المعوج..فالطريق المعوج بطبيعته يتبع الشيطان ..فإبليس يريد أهل الطاعة .. ويزين
لهم المعصية ويغريهم بالمال الحرام
القرآن الكريم يقول
ثُمَّ لآتِيَنَّهُم
مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن
شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17) سورة الأعراف
هذه هى
جهات الغواية التى يأتى منها إبليس .. من بين أيديهم أي من أمامهم وهذه هى الجهة
الأولى ومن خلفهم أي من ورائهم وهذه هى الجهة الثانية ..وعن أيمانهم أي من اليمين
وهذه هى الجهة الثالثة .. وعن شمائلهم أي من الشمال وهذه هى الجهة الرابعة.. وكلنا
نعلم أن الجهات ست وليست اربعاً .. فما هما الجهتان اللتان لا يأتي منهما الشيطان؟
.. هما فوق وتحت .. هرب إبليس من هاتين الجهتين بالذات .. ولم يقل سآتي لهم من
فوقهم أو من تحتهم ، لأنه يعلم أن الجهة العليا تمثل الفوقية الإلهية .. وأن الجهة
السفلى تمثل العبودية البشرية حينما يسجد الإنسان لله .. ولذلك ابتعد إبليس عن
هاتين الجهتين تماماً.
ومن العجب أنك إذا نظرت إلى أبواق الإلحاد فى كل عصر ..
تجدها تأتى من الجهات التى يأتي منها الشيطان .. يقولون: تقدمي جهة الأمام ..ورجعي
جهة الخلف ويميني جهة اليمين ويساري جهة اليسار .. نقول لهم نحن لسنا في أية جهة من
هذه الجهات. لا تقدميين ندعو إلى التحلل والفجور .. ولا رجعيين نقول هذا ما وجدنا
عليه آباءنا . ولا يساريين ننكر الدين ونناصر الكفر .. ولا يمينيين نؤمن
بالرأسمالية واستغلال الإنسان .. ولكننا أمة محمدية فوقية كل أمورنا من الله وما
دامت أمورنا من الله سبحانه وتعالى فنحن لا نخضع لمساوٍ لنا ولكننا نخضع لله العلى
القدير وما دمت تخضع لأعلى منك فلا ذلة أبداً بل عزة ورفعه مصداقا لقوله تبارك
وتعالى
يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ
الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ(
سورة
المنافقون
ونحن أمة محمدية فوقية .. نعلن عبوديتنا وخضوعنا لله .. ونتبع منهج
السماء .. ولذلك فقد تميزنا عن البشر جميعاً لأن كل إنسان فى الدنيا لا يخضع لله
سبحانه وتعالى ولا يأخذ منهجه عنه فهو خاضع لمنهج بشرى وضعه مساوٍ له من البشر ..
والنفس البشرية لها هوى تريد أن تحققه . لذلك فهى تضع المنهج الذى يمكنها من أن
تتميز به على الناس .. المنهج الذى تستفيد منه هى وحدها.. وقد يكون المنهج من وضع
مجموعة أفراد أو طبقة .. نقول أن مناهجهم لفائدتهم .. ولكن الله سبحانه وتعالى يضع
منهجه ليعطيك خيراً .. لا ليأخذ منك الخير لأنه جل جلاله مصدر الخير كله وهو ليس
محتاجاً لما تملك ولا ما يملك البشر. اذن العدل والخير والعزة هى منهج السماء فالله
لا يأخذ منك ولكن يعطيك ولا يذلك ولكن يعزك.
على أن هناك لفتة .. لا بد أن ننتبه
إليها . ...
**** يتبع بحول الله ****